اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213259 مشاهدة
القتل شبه العمد


الثاني: شبه العمد، وهو: أن يتعمد الجناية عليه بما لا يقتل غالبًا.


القسم الثاني: شبه العمد:
قوله: (الثاني: شبه العمد وهو: أن يتعمد الجناية عليه بما لا يقتل غالبا ):
شبه العمد: هو أن يتعمد الجناية عليه بما لا يقتل غالبًا، أي: أن من علامته أن يقصد الضرب ولا يقصد القتل هذا شبه العمد، يتعمد الضرب، ولكن لا يظن أن هذا سيقتله؛ كأن يضربه بعصا خفيفة لا تقتل غالبًا ولكن قدر أنها قتلته، أو أن يضربه بيده ضربة عادية لكن قدر أن مات منها، ودليل ذلك قصة الهذليتين أن امرأتين كانتا تحت رجل- أي: ضرتين- فضربت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط، أي: عمود الخيمة الذي يجعل عند الباب، قذفتها به، وفي رواية:
بحجر، فقتلتها وما في بطنها؛ فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ديتها على عاقلتها، يعني:
جعلها شبه عمد على العاقلة، وجعل في جنينها غرة، عبدا أو أمة، فقال وليها: كيف نفدي من لا أكل ولا شرب ولا استهل، فمثل ذلك يُطَلُّ، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا من إخوان الكهان وهو حديث مشهور.
فالحاصل: أن شبه العمد هو: أن يتعمد الضرب ولا يتعمد القتل فليس فيه القصاص، وإنما فيه الدية، وتكون الدية أيضًا مغلظة مثل دية العمد.